معلم نت | مقالات | “أمنيات معلم” بقلم الأستاذ حمد السهلي

عندما ذكر الله تعالى أحوال البشر وأنها تتغير بتغير قلوبهم لم يفهمها كثير من الناس قال تعالى :

( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ).

ولم يدركوا بأن المعنى يحتمل التغيير للخير وكذلك للشر.

لذلك كلما كان قلبك نظيفاً تغير حالك للأفضل وكلما خبث قلبك انقلبت حالك للأسوأ وما ينطبق على الفرد ينطبق على المجتمعات بأكملها .

عاش التعليم فى الكويت عصره الذهبي بداية الاستقلال فترة الستينيات من القرن الماضي ووصل لقمة ازدهاره بنهاية الثمنينيات من القرن نفسه ، عندما كانت الصدور نظيفة والقلوب تتجه للإصلاح وخير البلد، وعرفوا ماهم به من نعمة غيرت حياتهم من التعب والمشقة وضيق الحال إلى الرزق والوفرة فوجهوها لخدمة البلد وأهل البلد فنزلت البركات من السماء ، فكان المتعلم يأكل ويشرب ويلبس وينام فى المدرسة فالدولة هي أسرته التى ترعاه من بداية دخوله المدرسة حتى يتقاعد من عمله ، كانت لجان الاختيار فى وزارة التربية على مستوى ممتاز فجاءت اختياراتهم موفقة ، استمرت هذه النعمة حتى نهاية الثمانينيات ثم بدأ الانتكاس فى حال البلد عامة وفى التعليم خاصة وتراجع اهتمام الدولة بالتعليم ، فدخل سلك التعليم ممن لا علاقة له بالتعليم وزادت الأعداد مع إقرار كادر خاص للمعلمين ،دخل التعليم فى تجارب فاشلة عديدة كلفت الدولة الملايين ، وخرجوا أصحابها دون مساءلة ، زاد حملة الشهادات العليا ونقص التعليم ، زاد اليوم الدراسي والحصة الدراسية ، ألغي التوقيت الصيفي والشتوي ، زاد الحشو فىالمناهج ، زادت الميزانيات ، ومع كل ذلك تناقص العلم والتعلم ، تناقص حب المتعلمين للمدرسة وتناقص المبدعون ولم نتقدم ولو خطوة واحدة ، السر فى الآية ، تغيرت القلوب ومرضت فتغيرت أحوالنا للأسوأ وقلت البركة ، بركة الأعمار والأموال والأوقات ، فلماذا لا نجرب أن نعود لنظامنا التعليمي القديم بفلسفة وروح العلوم الحديثة ؟

النظام الذي خرّج لنا الوزير والوكيل والمدير ، نظام يراعي الأجواء ونفسيات المتعلمين ، يزرع فيهم حب العلم والتعلم، نظام يقوم على الكيف لا الكم ، ونبدأ ببداية الدوام المدرسي الساعة السابعة والنصف صباحاً ، حصص تبدأ بست حصص ليوم الأحد الى أربع حصص ليوم الخميس ، زمن الحصة 40 دقيقة وفرصتين ، نهاية الدوام للابتدائي والمتوسط الساعة الواحدة بعد الظهر ، للثانوي الواحدة والنصف ، نأتي للكتب الدراسية حذف الحشو الزائد فى الكتب والأفضل عمل كتب دراسية بأيدي وطنية مخلصة غير متزلفة أو ماسحة جوخ تضم من أهل الميدان ودكاترة وعلماء نفس لوضع منهج للصف الأول الإبتدائي يعقبها باقي المراحل ، ولنبدأ خطة مدتها 12 عام لبناءالمناهج بحيث كل عام صف ، وهي مدة ليست بالطويلة مقارنة بالضياع والتشتت والتخبطات لأكثر من 30 سنة ماضية ولو كنا فعلناها لأصبح لدينا اليوم أفضل نظام تعليمي عربي ، كانت مدارسنا فى الماضي قليل من العلم وكثير من الأنشطة الأدبية والثقافية والرياضية فظهر لنا المبدعون فى شتى المجالات علماء صغار وأدباء ولاعبين ومثقفين وفنانين وغيره ، كان لتلك الأنشطة وقتاً كافياً ، لقد دمجوا العلم بالأنشطة أذكر نشاط الخط والشعر والمسرح المدرسي والجمباز وكرة القدم والفنون التشكيلية ، أين حديقة الحيوان المدرسية ، زيارات المتاحف العلمية ،اليوم منذ أن يبدأ العام الى أن ينتهي استنفار لا وقت للأنشطة والرحلات لتزاحم المواد ، فإن أردنا إصلاح التعليم لنركز على أمرين أولا : لا نوسد الأمر لغير أهله فى المناصب واللجان، بل نختار من سلمت نيته وشهد له الناس بذلك ، فالفساد وإن نخر بالمجتمع فيجب أن تمنع أسوار مؤسساتنا التربوية من بداخلها أن يُصابوا بهذا المرض ،لينشأ جيل واعي مثقف متسلح بالأخلاق ينبذ الفساد ويحب العمل ، فالمجتمع بأمس الحاجة للأخلاق أكثر منالعلم ، أعيدوا حراس المدارس من الكويتيين المتقاعدين وافتحوا الباب للكويتيين كمراسلين ومحضري علوم ومنفذي خدمة لمن شهاداتهم دون الثانوي ، اختاروا للمرحلة الابتدائية النخبة من المعلمين والإدارات المدرسية سواء منالكويتيين أو غيرهم والنخبة فقط ولا وجود لمتكاسل ومتهاون ومتوسط أداء ، بل للحاصلين على شهادات متميزة فى التربية وعلم النفس لا كما تفعل الوزارة بإهمال هذه المرحلة وتوجيه المعينين المتميزين لباقي المراحل ، بل الطامة الكبرى هو بتحويل النقل التأديبي لتدني الأداء من باقي المراحل الى المرحلة الابتدائية ، أعيدوا المنافسات بين الفصول ، كثفوا البرامج الثقافية فى الإذاعة والتلفاز ، عودوا للماضي لعل وعسى نجد تحسناً فى المستوى ،خفضوا المصروفات إلا بما يفيد المتعلم ويساهم بتقدمه ، تجربة إن نجحت فذلك المبتغى ، وإن لم تنجح التجربة فيكفيكم شرف المحاولة ولن تكون بأسوأ مما مر على التربية فى السنوات الماضية .

أخيرا هذا ما جال فى خاطرى وإن كان عفويا غير منظم لكنها أمنيات لتهدئة قطار التعليم السريع جداً والمحمل فوق طاقته ، بأن تهدأ سرعته ويطرح شيئاً من حمولته غير الضرورية ، ويتفقد مفاصله وأجزاءه ويصون التالف منه قبل أن يأتى علينا يوم نود الإصلاح ولا نستطيع .

عن المحرر

شاهد أيضاً

هل التحول الرقمي ترفاً؟!
بقلم: أ.خالد عيد العتيبي

@khalid4edu هل لدى وزير التربية أو أي قيادي لوحة تحكم “Dashboard” تعرض إحصائيات ومؤشرات أداء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.