وزارتنا لا تكذب ولكن تتجمل! بقلم: أ. عبدالهادي مهدي العجمي

في فيلم ” أنا لا أكذب ولكني أتجمل” والذي قام ببطولته النجم الراحل أحمد زكي وهو مأخوذ من رواية للكاتب المصري الكبير إحسان عبدالقدوس .

تدور  قصة الفيلم حول شاب جامعي متفوق من أسرة فقيرة تسكن بمنطقة المقابر، حيث يعمل أباه “تربجي” أي حفاراً للقبور، وأمه تعمل بخدمة البيوت. يتظاهر الشاب بأنه من أسرة غنية ، ذلك أنه يعيش حالة من النفور على وضعه الاجتماعي.

 يحدث أن تنشأ علاقة عاطفية بينه وبين إحدى زميلاته بالكلية من عائلة ثرية وتسكن بأحد الأحياء الراقية. لا يخبرها بحقيقة فقره ومستواه الاجتماعي. وبوشاية من أحد زملائه تكشف الفتاة حقيقته، تلتمس له العذر في البداية، بل وتتمسك به وتقف بجانبه. حتى يتبين لها بأن تمسكها بهذا الشاب بعد معرفة حقيقته لم يكن إلا ردة فعل مؤقتة. فتخبره بأنها لن تستطيع أن تُكمل معه، وأصبح يبرر لها بأنه لم يكن يكذب ولكنه كان يتجمل ويحاول تحسين صورته.

قصة هذا الشاب هي نفسها ماتقوم به وزارة التربية في الإعداد لاختبار تيمز والذي سيعقد في شهر إبريل القادم!

ولكن قبل أن أؤكد لكم ذلك الأمر، دعوني أوضح لكم ، ما هو اختبار تيمز؟ 

باختصار هو اختبار  يشرف عليه المركز الوطني لتطوير التعليم بالتنسيق مع المنظمة الدولية لتقييم التحصيل التربوي. يعقد الاختبار كل أربع سنوات، يتم خلالها قياس المحتوى المعرفي والمهارات العقلية التي من المفترض أن يمتلكها طلبة الصفين الرابع الابتدائي و الثامن من المرحلة المتوسطة في مادتي الرياضيات والعلوم، والغرض من الدراسة هو قياس أثر التعليم على الطلبة وتحديد مواطن القوة والضعف لاتخاذ القرارات المناسبة لتطوير مادتي الرياضيات والعلوم. 

نعود لوزارتنا، فمن أجل الاستعداد لاختبار تيمز قام كل من التوجيه الفني لمادتي العلوم والرياضيات بوضع منهج مساند ومذكرات خاصة يتم تدريسها للمتعلمين من طلاب الصفين الرابع والثامن!   

بل أن توجيه العلوم قرر دخول المنهج المساند من ضمن مواضيع اختبار الفترة الأولى ليشكل عبئا على المعلمين والمتعلمين وفي شرح مواضيع المنهج الأساسي القائم خصوصا مع تكرار العطل الطارئة . 

لذلك طلبت التواجيه الفنية لمادتي العلوم والرياضيات بأخذ حصص من المواد غير الأساسية والذي قوبل برفض من التواجيه المعنية؛ فصدر الأمر للموجهين بتكثيف الزيارات للتأكد بالدرجة الأولى من تنفيذ وتدريس المناهج المساندة لاختبارات تيمز . 

إن تحديد العمر الزمني للاختبار لم يكن عشوائيا بل تم تحديده بالسنة الرابعة من بدء التعليم الرسمي والسنة الرابعة من المرحلة المتوسطة والتي تعادل عندنا الصف الثامن لقياس الأثر الحقيقي للتعليم خلال تلك السنوات التي تسبق سنة الاختبار .

ووزارتنا أصبحت بهذا التدريب والتدريس بالمناهج المساندة كالفنان أحمد زكي الذي ظن أنه لا يكذب ولكن يتجمل ويحاول تحسين صورته. 

فكيف للمنظمة أن تحدد المستوى الحقيقي للمخزون المعرفي والمهارات العقلية لطلابنا في السنوات السابقة للاختبار وهم يتلقون التدريب والتدريس بمناهج مساندة؟

هل في العام الدراسي القادم ستتوقف الوزارة عن تدريس المناهج المساندة في العلوم والرياضيات باعتبار أن الاختبار القادم لـ “تيمز” بعد أربع سنوات في العام 2022م ؟

لماذا يقرر توجيه العلوم دخول المنهج المساند اختبار الفترة الأولى بينما لم يقرر توجيه الرياضيات ذلك الأمر؟

أخيرا ،، هل تريد الوزارة تحسين صورتها وتتجمل بتدريب وتدريس طلبتنا بمنهج مساند ومذكرات على حساب مستوى مناهجنا و طلبتنا الحقيقي؟

أسئلة أتمنى أن أجد لها إجابة واضحة!

عن المحرر

شاهد أيضاً

هل التحول الرقمي ترفاً؟!
بقلم: أ.خالد عيد العتيبي

@khalid4edu هل لدى وزير التربية أو أي قيادي لوحة تحكم “Dashboard” تعرض إحصائيات ومؤشرات أداء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.